16.8.10

أوّل واحد نبدا بيه هو إنتي

دريّج التالي كان شداق سنكوح محلول على وسعو , دعماش متراكم في عينيه و صوت نهيق خارج من بلحوحو...

سنكوح توّة بين شفايفو سيقارو و حاجب حركة عينيه بمرايات كحلة واقف يستنّا على أعصابو في المترو...

سنكوح يبان صغير في العمر...هندامو,وقفتو, لحيتو الميّتة,صوتو, تفرفيشو و تشييعو للناس بمراياتو الكلّهم يغرّو اللي ما يعرفوش إنّو شاب ما يتعداش عمرو ال 24...و يا حسرة على أيّامات سنكوح قبل الاربعة و عشرين...سنكوح يبان صغير... لكن صغير من قبيل آك الصغير اللي يقولو عليه عاقل و معقّد... و يطل عالدنيا مالشبّاك و عمرو ما تجرأ و فات أكالشبّاك...يبان قديم و زمني و طايح من كتاب تاريخ و تركب عليه عال العال شخصية من شخصيات العروي...قرّاي و ما ينجّمش روحو ماغير جملتين مالكتب اللي يقرا فيهم...ماهوش ملسن و ماهوش إجتماعي و عندو مشكلة تواصل و إتصال...و هذه أحكام مسبقة تمنح مجانيا لألوفات يوميا في محطّة المترو ولاّ الكار...

قبل ما يغلق ال 24 سنا...كان سنكوح متديّن في وقت ما...و قرا كتب دينية بالهمّ...تفرّج في البرامج الدينية لين ولّا يحلم بيهم...إرتاد الجامع في حومتو و ولاّ ما يفلّتش حتّى جماعة...و ما يرتاح كان كي يبدا في ركن من أركان الجامع يقرا القرآن جهريا تارةً و سرّا تارة أخرى...و تغرم بالخليج و القميص متاعهم...و لبسو..وولاّت ريحة العطر و المسك ديما فايحة منّو...و عود آراك في فمّو...و ما بقات ناقصتو كان اللحية...نصحوه بالثوم...و ثمّة شكون قلّو "ديما أزلعها تو تطلع"...و ثمّة اللي قللّو خلّط العسل و الفزدق المرحي...مالقيتهمش لروحي قال في قلبو...كلّ ما قرا أكثر قرآن كلّ ما حسّ بروحو مرتاح أكثر...كلّ ما قرا كتاب فقه حسّ بروحو يفهم الدنيا خير...و كلّ يوم يكتشف سرّ من أسرار الوجود...يسمع كان قرآن...يقرا كان كتب دينية و كتب حديث و ما يتفرجّ كان في الناس و الرسالة...و ما نجمّش يفسّر إشمئزازو و تقلقو كلّ ما خزر للمكتبة اللي في بيتو المليانة ب "فولتير" و "خليل جبران" و" كورناي"...ماعادش يحمل يتفرج في ال . "م.ت.ف" ولا " ب.ب.س" و لا حتّى شان فرانسوية...هي التلفزة التونسية اللي عمر ما تفرج فيها.... و كرهها ...كرهها ما غير ما عرفها...الأغرب من هذا حتى لهجتو تبدلت...ولاّ يحس بالذنب كي يقول "مارسي" ولاّ "سافا"...يحسّ في نفور و كراهية لشخصو اللي عايش معاه موش شوية...و كأنّو كان مغشوش و منوّم ومفعول فيه...ثمّة شكون سطّرلو حياتو و مشّاه كيف ما حبّ...موش هوّة سنكوح اللي كان مالمفروض يكون سنكوح كان ضحية...ضحية الشيطان و النفس...سنكوح غاص و غرق في الدين و محبّة الله و رسوله...و عاش عشق و هيام و شوق و حنين للدنيا الأخرى...سنكوح ما عادش عندو أدنى تقدير أو إقدام عالدنيا...عالواقع...على حياتو...فقد طعم الحياة...و ما غير لا يشعر فقد برشة أصحاب و أحباب...فقد صيلتو مع عايلتو...مع أقرب الناس ليه...ماعادش يحنّلهم و لا يحس بحبّ ليهم حياتو ولأت الكلّها لطاعة الله و حبّو الكلّ ليه و لرسوله...و يبدا يزلق في دهليز الوحدة...ظلام العزلة الحالك و كانو موش في الجامع راهو في البيت بارك...يقرا و يسبّح و يدعي و يستغفر... هملتو ولاّت في الجوامع... وخلطتو تبدلت و تطورت و علاقاتو مع الغرباء و الناس اللي ما عندو علاها أدنى فكرة توطدت و ما فاق بروحو كان يتمنى يموت و لاّ يفرقع روحو في وسط حانة و لاّ سوق...

قبل ما يغلق ال 24 سنا...كان سنكوح مدمن بيران...من بار لبار, يشرب ليل مع نهار...بالسرقة في الدار...في باكو عصيرمسيّل فودكا و يشرب هو و صحابو في المترو ولاّ في الكار...الشراب بأنواعو عدّاه..مل "سكاي" لل "راشمانينوف" لل "بلاك لابل"...وين تواتي ما يرشفش و ما يترشفش...يقرطع... جودة...كولفور...أفّاحات... الكلّها في جواجيه تبات...الزطلا و تكيّفها في أوّل نهار من إمتحان الباك...و فردس قدّاش من مرّة و شعرة و لا مات...

سنكوح وقت اللي كان عمرو 14 سنة كان يشطح مع غروب رقص عصري كانو يسميوه في وقتها...14 سنة و أزغر وحدة ماللي فايتينو في الغروب عمرها 19 سنا...و نظّمو حفلات في شارع الحبيب بورقيبة والكرم ...و برشة تراكن أخرى...و ياما كراو لوكالات و نظمّو قعدات...و تعاركو مبعّد في قسمة الفليسات..

أوّل علاقة جنسية كانتلو و هو في النافيام...أيّامات مراجعة...و تسكبين عالأمهات...ثاني علاقة كانت مع أستاذتو...و رقد مع الأجانب و رقد مع بيّاعات الهوا...و رقد و رقد...

سنكوح سهرو كفر و مشى عالجمر و خالط البنات و النساء والقطاطس و العصافر ... و حبّ و ما قالش... و كذب... و قال الكلام المعسول و طيّح و ما طاحش... فهم اللي المرا..كي وزارة الداخلية... حياتها الكلّ أسرارتكره اكثر مللي تحب و نقطة ظعفها و اللي هالكها كونها ياسر تغار...سنكوح حس روحو في وقت مالأوقات مرا...وولاّ يخزر ياسر للمراية...و يبدّل في ملامح وجهو قدأمها...و يلبس و يخزر لبدنو و يعاود و هدفو الوحيد في الدنيا يولّي وين يمشي وين يقعد يتحب و يخلّي إنطباع باهي عند الطرف الآخر..و فلّ حكاية يتجبد...

ولاّ ماعادش يزدم و يحكي و يضحّك و يهمس و يمدح...سنكوح ولاّ يستنّا...

سنكوح عرف السنما وقت اللي كان عمرو 11 سنا و كان يمشيلو وحدو و يدخل يتفرج وحدو و يخرج مش فاهم شيء بحكم الفرنساوية وقتها مازالت صعيبة عليه...

سنكوح خالط كلّ الشرائح...خالط الزوّالي و اللي لاباس عليه...خالط السارق و المنحرف...واللي يسلك..و الحاكم والمحامي والبحّاث...يقعد مع الصغير والكبير ماعندو مشكلة مع حدّ ...ما ياخو على حدّ و ما يحاسب حدّ ...يحكي في كلّ شيء و ما ينرفزو شيء...

في الواقع هو ما عندو مشكلة مع شيء كان مع الوضع اللي عايشو...

28 سنا واقف على كوشة بالعة خيشة قريب تسيّب الريحة...و عايش مع أمّو اللّي بدت تخرف قبل وقتها من تأثير القعدة في الدار و الفرجة في المسلسلات...أربعة سنين مللي توفى بوه و خلاّ وراه الكوشة المهددة بالإنقراض..بعد اللي الجرابع عاطية مردود و تخدم فيها اكثر مااخدّامة...يشري الدواء لامّو و قضية الدارو يخلّص فاتورة الماء و الضوّ و التيليكوم و توب نات... شوية مراول على دجينات مالحفصية و سويّة شقاشق من هنا و من غادي باش يقاوم و يتصدى لتبحليقات خوه المواطن الكريم في الشارع و يلقى روحو في النهار لازمو ما يصرفش اكثر من 6 الاف باش يوصل راس الشهر سلامات...

مشكلتو مع روحو ...مع الوضع اللي عايش فيه... حسب إعتقادومشكلتو مع السيستام ...مع النظام...هو كيف ما برشة خاطيه..البلاد هي اللي أمورها مش" كوم إيل فو"...مشكلتو مع السياسة و الإقتصاد والظواهر الإجتماعية الزادمة على بعضها والمتشابكة و متلهوثة في بعضها كيفما يتكاثر الببوش...مشكلتو إنّو كلّ ما يحس روحو يبدا يفهم في حاجة يفيق اللي لعباد الكلّ فاهمينها فيستنتج إنّو مازال ما فهم شيء...مشكلتو إنّو يتكلّم...ماغي ما يشعر يلقى روحو يخرّج و يصنع في كلام من وحي وضعو الراهن...ينسا روحو يتخمّر...يتصرع بالهدر و لسانو يدوبل على أفكارو و ما يعبّرهمش و يحرق رادارات و اضواو...مشكلة كبيرة و هو عارف هذا...أمّا الله غالب ما يقدرش...الشيء أقوى منّو...

-خويا قدذاش عندك الوقت؟

-سنكوح:

الثمنية غير ربع...ربع ساعة و المعلميّة يبداو ينقبو...

-نشالله بعيد..عالصباح نقب...آش ينقبو؟

- سنكوح:

ينقبو نهارات اللي كيفك و كيف برشة واقفين معانا يستنّاو في المترو...وجوه الكرافاتات الراسماليين...المضبعين عالفلوس و مجرولين أبيّات و امهات في جرّة طمعهم و جشعهم و بخلهم و مازوط كراهبهم و ريوس المنّاني على طواولهم...و شوفرتهم و ويكانداتهم...و وتنحية الشعر من ترمهم...و ني..

-وسّع بالك عشيري...هههههه..أيّا تشري سلاحْ..

-سنكوح:

أوّل واحد نبدا بيه هو إنتي

-علاش...بالكشي تشوف فيّا نستنّى في الشوفار متاعي بحذاك...صحيّبي هاني كيفك نستنّ في الليمو لخضر متاعنا...

-سنكوح:

لا باش المرّة الجاية قبل ما تسئل عالوقت تصبّح...مافيها باس كي نقولو صباح الخير...و كان ما نتمناوش لبعضنا الخير شكون باش يتمنالهولنا...كان ما حسّيناش ببعضنا و ما ردّيناش بعضناو ما صلّحناش من بعضنا شكون باش يصلّح...لوقتاش نحقدو على بعضنا و موش داريين لواش...أحنا خوات...أحنا توانسا...أحنا شعب...أحنا بلاد...أحنا ماناش فانيين احنا مآلنا الممات...

- المترو جا...اللي يخلط لوّلي اخو بلاصة للاخر...

سنكوح:

-علاش؟.. نخدم عند والديك...هدرة والله...

و طلع سنكوح يدزّ و و يجبّد في بدنو و يتشوحر و يزإر...همّو الوحيد...لا مراعي مرا ولا كبير... يطيّر بلاصة...

0 commentaires: